الحرية هي كلمة دفع من أجلها الشعب الجزائري الغالي والنفيس ومن أجلها اهدى الشعب الجزائري لبلده أكثر من مليون ونصف المليون شهيد.
انها الحرية التي تتنعم بها الجزائر والتي خرجت من قبضة مستعمر غاشم سلب ارضها وعمر بها لمدة دامت 132 سنة مدة طويلة ولكنها تجسدت فيها كل معاني النضال والكفاح والصمود في وجه العدو بمقاومات شعبية ومعارك اخرها كان تفجير ثورةاول نوفمبر 1954 والتي عرفت بحرب دامت 7 سنوات الى غاية سنة 1962 وهي السنة التي نالت فيها الجزائر شرف سيادتها واستقلالها.
قال الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر:
"إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، نقتلع اللسان العربي من ألسنتهم."
عجزت فرنسا بجنرالاتها قهر ارادة شعب حارب بابسط الوسائل واستطاع ان يتغلب على مدافع ودبابات وطائرات المستعمر واستطاع بفضل الله وبفضل ايمانه القوي وعزيمته الصلبة ان يصمد اكثر ويناضل ويتحدى عدوه ويسترجع ارضه المسلوبة.
تعرف الثورة الجزائرية باسم "ثورة المليون شهيد" وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكانت نتيجتها انتـزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل .
انطلقت الرصاصة الأولى للثورة الجزائرية في منتصف ليل 1 نوفمبر 1954 الذي يصادف عند الأوروبيين يوم "عيد جميع القديسين" معلنةً قيام الثورة التحريرية الكبرى.
وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزوّدين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت واحد.
ومع انطلاق الرصاصة الأولى للثورة تمّ توزيع بيان على الشعب الجزائري يحمل توقيع "الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني" وجاء فيه: "أن الهدف من الثورة هو تحقيق الاستقلال الوطني في إطار الشمال الأفريقي وإقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادىء الإسلامية".
ودعا البيان جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر.
وتمّ تشكيل الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني من تسعة أعضاء.
وقبل الدخول في تفاصيل هذه الثورة يمكن القول إنها لم تكن وليدة أول نوفمبر 1954 بل كانت تتويجاً لثورات أخرى سبقتها ولكن هذه الثورة كانت أقوى تلك الثورات وأشملها وتمخضت عن إعلان استقلال الجزائر بعد ثمانية أعوام من القتال الشرس ويمكن تقسيم عمر الثورة إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى (54-56): وتركز العمل فيها على تثبيت الوضع العسكري وتقويته ومد الثورة بالمتطوعين والسلاح والعمل على توسيع إطار الثورة لتشمل كافة أنحاء البلاد.
أما ردة فعل المستعمر الفرنسي فكانت القيام بحملات قمع واسعة للمدنيين وملاحقة الثوار.
المرحلة الثانية (56 - 58): شهدت هذه المرحلة ارتفاع حدة الهجوم الفرنسي المضاد للثورة من أجل القضاء عليها إلا أن الثورة ازدادت اشتعالاً وعنفاً بسبب تجاوب الشعب معها وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيين في المدن.
كما تمكّن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري وأخذت تمارس صلاحياتها على جميع الأصعدة.
المرحلة الثالثة (58 - 60): كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرّت فيها الثورة الجزائرية إذ قام المستعمر الفرنسي بعمليات عسكرية ضخمة ضد جيش التحرير الوطني وفي هذه الفترة بلغ القمع البوليس حده الأقصى في المدن والأرياف وفرضت على الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق.
أما رد جيش التحرير فقد كان خوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة وتخفيف الضغط على بعض الجبهات، بالإضافة إلى فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنـزاف قواته وتحطيمه.
وفي 19 سبتمبر عام 1958 تمّ إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة السيد فرحات عباس ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الحكومة هي الممثل الشرعي والناطقة باسم الشعب الجزائري والمسؤولة عن قيادة الثورة سياسياً وعسكرياً ومادياً، وأعلنت في أول بيان لها عن موافقتها على إجراء مفاوضات مع الحكومة الفرنسية شرط الاعتراف المسبق بالشخصية الوطنية الجزائرية.
وفي نوفمبر من عام 1958 شنّ جيش التحرير الوطني هجوماً على الخط المكهرب على الحدود التونسية كما خاض مع الجيش الفرنسي معارك عنيفة وبطولية في مختلف أنحاء الجزائر وعلى الصعيد السياسي، طرحت قضية الجزائر في الأمم المتحدة وفي مؤتمر الشعوب الأفريقية بـ"أكرا" ولاقت التضامن والدعم الكاملين والتأييد المطلق لها.
وفي ديسمبر من 1958 ألقى الجنرال ديغول خطاباً في الجزائر العاصمة أشار فيها إلى الشخصية الجزائرية، وانتخب في 22 من هذا الشهر رئيساً للجمهورية الفرنسية.
وفي 16 سبتمبر 1959 أعلن الجنرال ديغول اعتراف فرنسا بحق الجزائر في تقرير مصيرها وكان جواب الحكومة الجزائرية المؤقتة قبولها لمبدأ تقرير المصير واستعدادها للتفاوض المباشر في الشروط السياسية والعسكرية لوقف القتال وتوفير الضمانات الضرورية لممارسة تقرير المصير.
المرحلة الرابعة (1960 - 1962): المرحلة الحاسمة خلال هذه الفترة الهامة والحاسمة من حرب التحرير حاول الفرنسيون حسم القضية الجزائرية عسكرياً ولكنهم لم يفلحوا في ذلك لأن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة في كل مكان وأضحى من الصعب بل من المستحيل القضاء عليها ورغم هذا الواقع فقد جرّد الفرنسيون عدة حملات عسكرية ضخمة على مختلف المناطق الجزائرية ولكنها جميعاً باءت بالفشل وتكبّد الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة وقد تمّ في شهر يناير 1960 تشكيل أول هيئة أركان للجيش الجزائري الذي كان متمركزاً على الحدود الجزائرية - التونسية والجزائرية - المغربية وتمّ تعيين العقيد هواري بومدين أول رئيس للأركان لهذا الجيش.
وفي هذه الفترة بالذات، تصاعد النضال الجماهيري تحت قيادة الجبهة، وقد تجسّد ذلك في مظاهرات 11 ديسمبر 1960 وتمّ خلال هذه الفترة عقد المؤتمر الثاني لجبهة التحرير الوطني في مدينة طرابلس بليبيا عام 1961.
أما على الصعيد السياسي، فقد عقدت الدورة 16 للأمم المتحدة ( سبتمبر 1961 وفبراير 1962) وأمام أهمية الاتصالات المباشرة بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية فإن الأمم المتحدة "دعت الطرفين لاستئناف المفاوضات بغية الشروع بتطبيق حق الشعب الجزائري في حرية تقرير المصير والاستقلال وفي إطار احترام وحدة التراب الجزائري".
وهكذا انتصرت وجهة نظر جبهة التحرير الوطني وأُجبرت فرنسا على التفاوض بعد أن تأكدت فرنسا نفسها أن الوسائل العسكرية لم تنفع خاصة بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به حملاتها الضخمة وعدم فعالية القمع البوليسي في المدن، ورفض الشعب الجزائري المشاركة في الانتخابات المزوّرة واستحالة إيجاد "قوة ثالثة" تكون تابعة للمستعمر بأي حال.
وقام الفرنسيون بمناورات عدة وتهديدات كثيرة لتحاشي التفاوض وعملوا كل ما بوسعهم لتصفية جيش التحرير الوطني كقوة عسكرية وكقوة سياسية فتهربت فرنسا من كل محاولات التفاوض النـزيه عاملة على إفراغ حق تقرير المصير من محتواه الحقيقي متوهمة بذلك أنها ستنتصر عسكرياً على الثورة.
وكان يقابل سياسة المفاوضات هذه حرب متصاعدة في الجزائر بهدف تحقيق النصر فقد كان الفرنسيون يعتقدون أن رغبة جبهة التحرير في السلم وقبولها للاستفتاء يعتبر دليلاً على الانهيار العسكري لجيش التحرير الوطني إلا أن الجبهة عادت وأكدت من جديد أن الاستقلال ينتـزع من سالبه ولا يوهب منه، فاتخذت جميع التدابير لتعزيز الكفاح المسلح.
وعادت فرنسا بعد ذلك لتقدم لمندوبي جبهة التحرير صورة كاريكاتورية للاستقلال: جزائر مقطوعة عن أربعة أخماسها (الصحراء) وقانون امتيازي للفرنسيين فرفضت الجبهة المقترحات جملة وتفصيلاً ولما عجزت فرنسا عن حلّ القضية بانتصار عسكري أجرت اتصالات ومفاوضات جديدة لبحث القضايا الجوهرية وقد دخلت هذه المرة مرحلة أكثر إيجابية، وتحددت الخطوط العريضة للاتفاق، أثناء مقابلة تمت بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي في قرية فرنسية بالقرب من الحدود السويسرية.
وبعد ذلك عقدت ندوة حول إيقاف القتال في إيفيان من 7 إلى 18 مارس 1962 تدارست الوفود خلالها تفاصيل الاتفاق وكان الانتصار حليف وجهة نظر جبهة التحرير، وتوقف القتال في 19 مارس بين الطرفين وتحدد يوم الأول من تموز لإجراء استفتاء شعبي فصوّت الجزائريون جماعياً لصالح الاستقلال وبذلك تحقق الهدف السياسي والأساسي الأول لحرب التحرير، بعد أن دفع الشعب الجزائري ضريبة الدم غالية في سبيل الحرية والاستقلال وبعد أن استمرت الحرب قرابة ثماني سنوات سقط خلالها ما يقرب من مليون ونصف مليون شهيد.
وقد صادف بدء انسحاب القوات الفرنسية في 5 يوليو 1962 في يوم دخولها 5 يوليو 1830 أي بعد 132 عاماً من الاستعمار كما انسحبت هذه القوات من نفس المكان الذي دخلت منه إلى الجزائر في منطقة "سيدي فرج" القريبة من الجزائر العاصمة وتمّ في هذا اليوم تعيين السيد أحمد بن بيللا كأول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة بعد خروجه من السجون الفرنسية مع عدد من قادة الثورة وكوادرها.
يرجع الفضل في انتصار الثورة الجزائرية إلى وضوح أهداف القائمين بها والتضحيات الشعبية الهائلة التي قدمها الشعب الجزائري الذي عبأ كل طاقاته لتحقيق الانتصار، يضاف إلى ذلك الأساليب المبتكرة التي لجأ إليها المجاهدون والمجاهدات لتوجيه الضربات الأليمة لجيش متفوق في العدد والعدة. وأخيراً التأييد العربي (قواعد الثوار في تونس والمغرب والدعم الشعبي والمادي الواسع من مصر عبد الناصر وسورية والعراق)، والعالمي (دول العالم الثالث والدول الاشتراكية).
انها الحرية التي تتنعم بها الجزائر والتي خرجت من قبضة مستعمر غاشم سلب ارضها وعمر بها لمدة دامت 132 سنة مدة طويلة ولكنها تجسدت فيها كل معاني النضال والكفاح والصمود في وجه العدو بمقاومات شعبية ومعارك اخرها كان تفجير ثورةاول نوفمبر 1954 والتي عرفت بحرب دامت 7 سنوات الى غاية سنة 1962 وهي السنة التي نالت فيها الجزائر شرف سيادتها واستقلالها.
قال الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر:
"إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، نقتلع اللسان العربي من ألسنتهم."
عجزت فرنسا بجنرالاتها قهر ارادة شعب حارب بابسط الوسائل واستطاع ان يتغلب على مدافع ودبابات وطائرات المستعمر واستطاع بفضل الله وبفضل ايمانه القوي وعزيمته الصلبة ان يصمد اكثر ويناضل ويتحدى عدوه ويسترجع ارضه المسلوبة.
تعرف الثورة الجزائرية باسم "ثورة المليون شهيد" وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكانت نتيجتها انتـزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل .
انطلقت الرصاصة الأولى للثورة الجزائرية في منتصف ليل 1 نوفمبر 1954 الذي يصادف عند الأوروبيين يوم "عيد جميع القديسين" معلنةً قيام الثورة التحريرية الكبرى.
وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزوّدين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت واحد.
ومع انطلاق الرصاصة الأولى للثورة تمّ توزيع بيان على الشعب الجزائري يحمل توقيع "الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني" وجاء فيه: "أن الهدف من الثورة هو تحقيق الاستقلال الوطني في إطار الشمال الأفريقي وإقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادىء الإسلامية".
ودعا البيان جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر.
وتمّ تشكيل الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني من تسعة أعضاء.
وقبل الدخول في تفاصيل هذه الثورة يمكن القول إنها لم تكن وليدة أول نوفمبر 1954 بل كانت تتويجاً لثورات أخرى سبقتها ولكن هذه الثورة كانت أقوى تلك الثورات وأشملها وتمخضت عن إعلان استقلال الجزائر بعد ثمانية أعوام من القتال الشرس ويمكن تقسيم عمر الثورة إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى (54-56): وتركز العمل فيها على تثبيت الوضع العسكري وتقويته ومد الثورة بالمتطوعين والسلاح والعمل على توسيع إطار الثورة لتشمل كافة أنحاء البلاد.
أما ردة فعل المستعمر الفرنسي فكانت القيام بحملات قمع واسعة للمدنيين وملاحقة الثوار.
المرحلة الثانية (56 - 58): شهدت هذه المرحلة ارتفاع حدة الهجوم الفرنسي المضاد للثورة من أجل القضاء عليها إلا أن الثورة ازدادت اشتعالاً وعنفاً بسبب تجاوب الشعب معها وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيين في المدن.
كما تمكّن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري وأخذت تمارس صلاحياتها على جميع الأصعدة.
المرحلة الثالثة (58 - 60): كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرّت فيها الثورة الجزائرية إذ قام المستعمر الفرنسي بعمليات عسكرية ضخمة ضد جيش التحرير الوطني وفي هذه الفترة بلغ القمع البوليس حده الأقصى في المدن والأرياف وفرضت على الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق.
أما رد جيش التحرير فقد كان خوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة وتخفيف الضغط على بعض الجبهات، بالإضافة إلى فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنـزاف قواته وتحطيمه.
وفي 19 سبتمبر عام 1958 تمّ إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة السيد فرحات عباس ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الحكومة هي الممثل الشرعي والناطقة باسم الشعب الجزائري والمسؤولة عن قيادة الثورة سياسياً وعسكرياً ومادياً، وأعلنت في أول بيان لها عن موافقتها على إجراء مفاوضات مع الحكومة الفرنسية شرط الاعتراف المسبق بالشخصية الوطنية الجزائرية.
وفي نوفمبر من عام 1958 شنّ جيش التحرير الوطني هجوماً على الخط المكهرب على الحدود التونسية كما خاض مع الجيش الفرنسي معارك عنيفة وبطولية في مختلف أنحاء الجزائر وعلى الصعيد السياسي، طرحت قضية الجزائر في الأمم المتحدة وفي مؤتمر الشعوب الأفريقية بـ"أكرا" ولاقت التضامن والدعم الكاملين والتأييد المطلق لها.
وفي ديسمبر من 1958 ألقى الجنرال ديغول خطاباً في الجزائر العاصمة أشار فيها إلى الشخصية الجزائرية، وانتخب في 22 من هذا الشهر رئيساً للجمهورية الفرنسية.
وفي 16 سبتمبر 1959 أعلن الجنرال ديغول اعتراف فرنسا بحق الجزائر في تقرير مصيرها وكان جواب الحكومة الجزائرية المؤقتة قبولها لمبدأ تقرير المصير واستعدادها للتفاوض المباشر في الشروط السياسية والعسكرية لوقف القتال وتوفير الضمانات الضرورية لممارسة تقرير المصير.
المرحلة الرابعة (1960 - 1962): المرحلة الحاسمة خلال هذه الفترة الهامة والحاسمة من حرب التحرير حاول الفرنسيون حسم القضية الجزائرية عسكرياً ولكنهم لم يفلحوا في ذلك لأن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة في كل مكان وأضحى من الصعب بل من المستحيل القضاء عليها ورغم هذا الواقع فقد جرّد الفرنسيون عدة حملات عسكرية ضخمة على مختلف المناطق الجزائرية ولكنها جميعاً باءت بالفشل وتكبّد الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة وقد تمّ في شهر يناير 1960 تشكيل أول هيئة أركان للجيش الجزائري الذي كان متمركزاً على الحدود الجزائرية - التونسية والجزائرية - المغربية وتمّ تعيين العقيد هواري بومدين أول رئيس للأركان لهذا الجيش.
وفي هذه الفترة بالذات، تصاعد النضال الجماهيري تحت قيادة الجبهة، وقد تجسّد ذلك في مظاهرات 11 ديسمبر 1960 وتمّ خلال هذه الفترة عقد المؤتمر الثاني لجبهة التحرير الوطني في مدينة طرابلس بليبيا عام 1961.
أما على الصعيد السياسي، فقد عقدت الدورة 16 للأمم المتحدة ( سبتمبر 1961 وفبراير 1962) وأمام أهمية الاتصالات المباشرة بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية فإن الأمم المتحدة "دعت الطرفين لاستئناف المفاوضات بغية الشروع بتطبيق حق الشعب الجزائري في حرية تقرير المصير والاستقلال وفي إطار احترام وحدة التراب الجزائري".
وهكذا انتصرت وجهة نظر جبهة التحرير الوطني وأُجبرت فرنسا على التفاوض بعد أن تأكدت فرنسا نفسها أن الوسائل العسكرية لم تنفع خاصة بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به حملاتها الضخمة وعدم فعالية القمع البوليسي في المدن، ورفض الشعب الجزائري المشاركة في الانتخابات المزوّرة واستحالة إيجاد "قوة ثالثة" تكون تابعة للمستعمر بأي حال.
وقام الفرنسيون بمناورات عدة وتهديدات كثيرة لتحاشي التفاوض وعملوا كل ما بوسعهم لتصفية جيش التحرير الوطني كقوة عسكرية وكقوة سياسية فتهربت فرنسا من كل محاولات التفاوض النـزيه عاملة على إفراغ حق تقرير المصير من محتواه الحقيقي متوهمة بذلك أنها ستنتصر عسكرياً على الثورة.
وكان يقابل سياسة المفاوضات هذه حرب متصاعدة في الجزائر بهدف تحقيق النصر فقد كان الفرنسيون يعتقدون أن رغبة جبهة التحرير في السلم وقبولها للاستفتاء يعتبر دليلاً على الانهيار العسكري لجيش التحرير الوطني إلا أن الجبهة عادت وأكدت من جديد أن الاستقلال ينتـزع من سالبه ولا يوهب منه، فاتخذت جميع التدابير لتعزيز الكفاح المسلح.
وعادت فرنسا بعد ذلك لتقدم لمندوبي جبهة التحرير صورة كاريكاتورية للاستقلال: جزائر مقطوعة عن أربعة أخماسها (الصحراء) وقانون امتيازي للفرنسيين فرفضت الجبهة المقترحات جملة وتفصيلاً ولما عجزت فرنسا عن حلّ القضية بانتصار عسكري أجرت اتصالات ومفاوضات جديدة لبحث القضايا الجوهرية وقد دخلت هذه المرة مرحلة أكثر إيجابية، وتحددت الخطوط العريضة للاتفاق، أثناء مقابلة تمت بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي في قرية فرنسية بالقرب من الحدود السويسرية.
وبعد ذلك عقدت ندوة حول إيقاف القتال في إيفيان من 7 إلى 18 مارس 1962 تدارست الوفود خلالها تفاصيل الاتفاق وكان الانتصار حليف وجهة نظر جبهة التحرير، وتوقف القتال في 19 مارس بين الطرفين وتحدد يوم الأول من تموز لإجراء استفتاء شعبي فصوّت الجزائريون جماعياً لصالح الاستقلال وبذلك تحقق الهدف السياسي والأساسي الأول لحرب التحرير، بعد أن دفع الشعب الجزائري ضريبة الدم غالية في سبيل الحرية والاستقلال وبعد أن استمرت الحرب قرابة ثماني سنوات سقط خلالها ما يقرب من مليون ونصف مليون شهيد.
وقد صادف بدء انسحاب القوات الفرنسية في 5 يوليو 1962 في يوم دخولها 5 يوليو 1830 أي بعد 132 عاماً من الاستعمار كما انسحبت هذه القوات من نفس المكان الذي دخلت منه إلى الجزائر في منطقة "سيدي فرج" القريبة من الجزائر العاصمة وتمّ في هذا اليوم تعيين السيد أحمد بن بيللا كأول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة بعد خروجه من السجون الفرنسية مع عدد من قادة الثورة وكوادرها.
يرجع الفضل في انتصار الثورة الجزائرية إلى وضوح أهداف القائمين بها والتضحيات الشعبية الهائلة التي قدمها الشعب الجزائري الذي عبأ كل طاقاته لتحقيق الانتصار، يضاف إلى ذلك الأساليب المبتكرة التي لجأ إليها المجاهدون والمجاهدات لتوجيه الضربات الأليمة لجيش متفوق في العدد والعدة. وأخيراً التأييد العربي (قواعد الثوار في تونس والمغرب والدعم الشعبي والمادي الواسع من مصر عبد الناصر وسورية والعراق)، والعالمي (دول العالم الثالث والدول الاشتراكية).
اذا أعجبك الموضوع اترك تعليقك وشارك المقال
لإرسال استفسارات أو مشاركات يرجى زيارة صفحتنا على الفيسبوك
https://www.facebook.com/Awdziriat/
Commentaires
Enregistrer un commentaire
اذا أعجبك الموضوع اترك تعليقك وشارك المقال
لإرسال استفسارات أو مشاركات يرجى زيارة صفحتنا على الفيسبوك
https://www.facebook.com/Awdziriat/